قمة السعودية- هل تعيد التاريخ وتنهي أزمات العالم؟
المؤلف: محمد الساعد10.10.2025

وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالمشهد العالمي اليوم يحاكي إلى حد كبير ما حدث قبل أربعة عقود خلت. ففي تلك الحقبة، احتضنت آيسلندا قمة تاريخية جمعت بين الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف. واليوم، نشهد استعدادات لعقد قمة مماثلة في المملكة العربية السعودية، تجمع بين الرئيس ترامب والرئيس بوتين، في ظل ظروف وتحديات عالمية متشابهة.
في عام 1986، كانت مدينة ريكيافيك الآيسلندية مسرحاً للقاء قمة جمع بين رونالد ريغان، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، وميخائيل غورباتشوف، الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي. وجاء هذا اللقاء في فترة حرجة، حيث كان العالم يقف على حافة صراع نووي مدمر، نتيجة لـ "حرب النجوم" والسباق المحموم نحو التسلح النووي. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك استقطاب دولي حاد بين المعسكرين الغربي الليبرالي والشرقي الاشتراكي. ولا يمكن إغفال الصراع الأيديولوجي المحتدم بين الشيوعية والمسيحية الغربية والإسلام، والذي تجلى بوضوح في الحرب السوفيتية في أفغانستان.
كان الهدف الأساسي من مفاوضات ريكيافيك هو احتواء أزمة دولية طاحنة، وتخفيف حدة التوتر بين القطبين المتنافسين، والحد من انتشار الأسلحة النووية، ووقف برنامج حرب النجوم. ولكن في الواقع، كانت الحرب الأفغانية السوفيتية بمثابة البند الخفي الذي دفع الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، سعياً لإيجاد حلول للأزمة المتفاقمة.
والآن، يتطلع العالم بأسره إلى القمة المرتقبة في المملكة العربية السعودية، والتي ستجمع بين الولايات المتحدة وروسيا، الوريثة للاتحاد السوفيتي. ويبدو أن الظروف المحيطة بهذه القمة تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت سائدة في عام 1986.
فاليوم، نشهد حرباً بالوكالة بين روسيا والغرب في أوكرانيا، وهي تشبه إلى حد ما الحرب الأفغانية السوفيتية. كما نشهد صراعاً اقتصادياً حاداً بين معسكرين، الأول تقوده الصين، مدفوعاً بالتوسع الصناعي والتجاري، والثاني تقوده روسيا، بسبب احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي. وفي المقابل، تقف أمريكا وحلفاؤها في مواجهة هذه التحديات الاقتصادية.
لقد حرص المشاركون في قمة آيسلندا على خفض سقف التوقعات، ووصفها طاقما التفاوض بأنها "قمة تمهيدية"، في إشارة إلى عدم توقع صدور قرارات حاسمة. ولكن المفاجأة كانت أن هذه القمة شكلت منعطفاً حاسماً في تاريخ العالم، وأدت في نهاية المطاف إلى انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا الاتحادية الحالية.
لقد اعتبرت قمة ريكيافيك واحدة من أنجح القمم في التاريخ الحديث، خاصة فيما يتعلق بالحد من التسلح النووي وتحسين العلاقات الأمريكية السوفيتية، وإقناع الرئيس غورباتشوف بضرورة تبني إصلاحات اقتصادية واجتماعية كانت ملحة للغاية، في ظل الجمود الذي كان يعاني منه المعسكر الشرقي.
وبفضل شخصية الرئيس الأمريكي رونالد ريغان التي جمعت بين التحدي والعقلانية والموضوعية، حققت القمة نجاحاً كبيراً، على الرغم من التحديات الجسيمة والاستقطاب الحاد الذي كان يسود العالم. يجب أن نتذكر أن الرئيس ريغان هو الزعيم الأمريكي الذي وصف الاتحاد السوفيتي بأنه "إمبراطورية الشر"، وكان من أشد المعارضين للعقيدة الشيوعية. ومع ذلك، تعامل ببراغماتية مع غورباتشوف، وسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار والتفاهم.
اليوم، يواجه العالم أزمة أمنية بالغة الخطورة، تكاد تجعله يقف على أطراف أصابعه خوفاً من الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة مدمرة. ولكن الجديد في المشهد الحالي هو وجود زعيم ثالث يسعى إلى لعب دور الوسيط بين القطبين المتنازعين، روسيا وأمريكا. فالأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، استطاع أن يقود بلاده بحكمة ودبلوماسية، وأن يحافظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، رغم الاتهامات التي وجهتها بعض وسائل الإعلام الغربية بانحياز السعودية إلى روسيا في بداية الحرب الأوكرانية. لقد نجح الأمير محمد بن سلمان في تمهيد الطريق لهذه الوساطة، بفضل علاقاته الوثيقة مع الطرفين، متحدياً بذلك الاستقطاب الحاد والاتهامات الباطلة التي أطلقتها الصحافة الغربية بدافع الكيد السياسي.
لطالما أكد المسؤولون السعوديون أن بلادهم لم ولن تكون طرفاً في أي صراع، وأن الحوار والمفاوضات هما السبيل الأمثل لحل الخلافات. وقد نجحت المساعي السعودية عدة مرات في إطلاق سراح العديد من الأسرى الروس والأوكرانيين والأمريكيين والغربيين، مما يؤكد نجاح الدور الذي يلعبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويعزز مكانة المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية ودولية مؤثرة.
أما عن سبب اختيار الدولتين الكبريين للمملكة العربية السعودية لاستضافة هذه القمة العالمية، فيعود ذلك إلى المكانة الرفيعة التي تتمتع بها المملكة على الساحة الدولية، فهي دولة ذات تاريخ عريق يمتد لأكثر من ثلاثة قرون، ولديها خبرة واسعة في مجال السياسة والدبلوماسية. كما أن للمملكة دوراً متزايد الأهمية في السياسة الدولية، وحجماً اقتصادياً كبيراً يجعلها إحدى دول العشرين الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المملكة بمكانة مرموقة على المستويين الإقليمي والعربي والإسلامي.
في عام 1986، كانت مدينة ريكيافيك الآيسلندية مسرحاً للقاء قمة جمع بين رونالد ريغان، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، وميخائيل غورباتشوف، الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي. وجاء هذا اللقاء في فترة حرجة، حيث كان العالم يقف على حافة صراع نووي مدمر، نتيجة لـ "حرب النجوم" والسباق المحموم نحو التسلح النووي. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك استقطاب دولي حاد بين المعسكرين الغربي الليبرالي والشرقي الاشتراكي. ولا يمكن إغفال الصراع الأيديولوجي المحتدم بين الشيوعية والمسيحية الغربية والإسلام، والذي تجلى بوضوح في الحرب السوفيتية في أفغانستان.
كان الهدف الأساسي من مفاوضات ريكيافيك هو احتواء أزمة دولية طاحنة، وتخفيف حدة التوتر بين القطبين المتنافسين، والحد من انتشار الأسلحة النووية، ووقف برنامج حرب النجوم. ولكن في الواقع، كانت الحرب الأفغانية السوفيتية بمثابة البند الخفي الذي دفع الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، سعياً لإيجاد حلول للأزمة المتفاقمة.
والآن، يتطلع العالم بأسره إلى القمة المرتقبة في المملكة العربية السعودية، والتي ستجمع بين الولايات المتحدة وروسيا، الوريثة للاتحاد السوفيتي. ويبدو أن الظروف المحيطة بهذه القمة تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت سائدة في عام 1986.
فاليوم، نشهد حرباً بالوكالة بين روسيا والغرب في أوكرانيا، وهي تشبه إلى حد ما الحرب الأفغانية السوفيتية. كما نشهد صراعاً اقتصادياً حاداً بين معسكرين، الأول تقوده الصين، مدفوعاً بالتوسع الصناعي والتجاري، والثاني تقوده روسيا، بسبب احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي. وفي المقابل، تقف أمريكا وحلفاؤها في مواجهة هذه التحديات الاقتصادية.
لقد حرص المشاركون في قمة آيسلندا على خفض سقف التوقعات، ووصفها طاقما التفاوض بأنها "قمة تمهيدية"، في إشارة إلى عدم توقع صدور قرارات حاسمة. ولكن المفاجأة كانت أن هذه القمة شكلت منعطفاً حاسماً في تاريخ العالم، وأدت في نهاية المطاف إلى انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا الاتحادية الحالية.
لقد اعتبرت قمة ريكيافيك واحدة من أنجح القمم في التاريخ الحديث، خاصة فيما يتعلق بالحد من التسلح النووي وتحسين العلاقات الأمريكية السوفيتية، وإقناع الرئيس غورباتشوف بضرورة تبني إصلاحات اقتصادية واجتماعية كانت ملحة للغاية، في ظل الجمود الذي كان يعاني منه المعسكر الشرقي.
وبفضل شخصية الرئيس الأمريكي رونالد ريغان التي جمعت بين التحدي والعقلانية والموضوعية، حققت القمة نجاحاً كبيراً، على الرغم من التحديات الجسيمة والاستقطاب الحاد الذي كان يسود العالم. يجب أن نتذكر أن الرئيس ريغان هو الزعيم الأمريكي الذي وصف الاتحاد السوفيتي بأنه "إمبراطورية الشر"، وكان من أشد المعارضين للعقيدة الشيوعية. ومع ذلك، تعامل ببراغماتية مع غورباتشوف، وسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار والتفاهم.
اليوم، يواجه العالم أزمة أمنية بالغة الخطورة، تكاد تجعله يقف على أطراف أصابعه خوفاً من الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة مدمرة. ولكن الجديد في المشهد الحالي هو وجود زعيم ثالث يسعى إلى لعب دور الوسيط بين القطبين المتنازعين، روسيا وأمريكا. فالأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، استطاع أن يقود بلاده بحكمة ودبلوماسية، وأن يحافظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، رغم الاتهامات التي وجهتها بعض وسائل الإعلام الغربية بانحياز السعودية إلى روسيا في بداية الحرب الأوكرانية. لقد نجح الأمير محمد بن سلمان في تمهيد الطريق لهذه الوساطة، بفضل علاقاته الوثيقة مع الطرفين، متحدياً بذلك الاستقطاب الحاد والاتهامات الباطلة التي أطلقتها الصحافة الغربية بدافع الكيد السياسي.
لطالما أكد المسؤولون السعوديون أن بلادهم لم ولن تكون طرفاً في أي صراع، وأن الحوار والمفاوضات هما السبيل الأمثل لحل الخلافات. وقد نجحت المساعي السعودية عدة مرات في إطلاق سراح العديد من الأسرى الروس والأوكرانيين والأمريكيين والغربيين، مما يؤكد نجاح الدور الذي يلعبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويعزز مكانة المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية ودولية مؤثرة.
أما عن سبب اختيار الدولتين الكبريين للمملكة العربية السعودية لاستضافة هذه القمة العالمية، فيعود ذلك إلى المكانة الرفيعة التي تتمتع بها المملكة على الساحة الدولية، فهي دولة ذات تاريخ عريق يمتد لأكثر من ثلاثة قرون، ولديها خبرة واسعة في مجال السياسة والدبلوماسية. كما أن للمملكة دوراً متزايد الأهمية في السياسة الدولية، وحجماً اقتصادياً كبيراً يجعلها إحدى دول العشرين الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المملكة بمكانة مرموقة على المستويين الإقليمي والعربي والإسلامي.